• ×
meabdullatif

اغتيال رابين والصراع بين اليهود

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فإن اليهود ينفردون بخصائص وصفات ليست في غيرهم من البشر ، وقد نبه القرآن الكريم على ذلك في مواضع كثيرة من سورة وآياته .
ومن هذه الصفات قول الحق سبحانه عنهم {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر : 14] ، وهذا يعنى أنك تنظر إلى اليهود فتعتقد أنهم على قلب رجل واحد ، وهم في الواقع يتصارعون صراعاً مريراً فيما بينهم ، كما قال الله عنهم : {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} [الحشر : 14].
وفى ضوء هذه الحقيقة سنلقى الضوء على هذا الحادث الأخير
- اغتيال رابين - الذي يعكس بوضوح حجم الصراع بين هؤلاء القوم الذين يسرون غير ما يعلنون ، ويبطنون غير ما يظهرون ، إن ثمة حقيقة هامة تقول : إن قاتل رابين ليس متطرفا ، ولا إرهابيا ! بل هو منفذ - كما يقول - لأوامر الله !؟ وهو يعنى بذلك النصوص المحرفة في التوراة ، والتي كتبها علماء اليهود بأيديهم ، ثم قالوا : هي من عند الله - ففي سفر التكوين - في توراة اليهود - : ( في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (إبراهيم) ميثاقاً قائلاً : لِنَسْلِك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ) !!
وبناء على هذا النص أعلن علماء الدين اليهود (الحاخامات) ، وزعماء وقادة اليهود وحزب الليكود والأحزاب الدينية أن فلسطين قد أعطاها لنا الرب !! وقد أعلن بعض هؤلاء بعد اغيتال رابين أنه خائن مستحق للقتل ، لأنه تنازل عن جزء من أرض فلسطين للعرب.
إن رابين قد أعلن قبل موته بدقائق معدودة إن على حزب الليكود وزعيمه أن يكف عن تحريض الجماهير على العنف ، ووقف عملية السلام بالفعل المباشر.
والحزب المشار إليه هو حزب إرهابى متطرف كان يحكم إسرائيل قبل حكومة رابين ، وقد تم التفاوض والصلح مع مصر في عهد هذه الحكومة الإرهابية ، مما يعنى إنه يمكننا التفاوض والحوار مع الإرهاب في صورة أفراد أو تنظيمات.
إن هذا القدر الذي ذكرناه عن اغتيال رابين بين لنا بوضوح وجلاء أن الإرهاب والتطرف عند اليهود عقيدة راسخة عند رجال الدين اليهود والأحزاب اليمينية ومعظم اليهود! وقد أجرى التلفزيون الإسرائيلي مقابلة مع أحد اليهود في إسرائيل وسأله عن مشاعره بعد اغتيال رابين ، فأجاب بأنه سعيد ومسرور جداً بهذا النبأ !! وكان الشعور بالسعادة موجودا عند الكثيرين ، وليس هذا الرجل فقط ، ولم تنقل وسائل الإعلام من ذلك إلا شيئاً يسيراً.

ومع ذلك فقد نادى بعض المسئولين عندنا بضرورة التعاون للقضاء على الإرهاب في المنطقة ، وهذا لا يمكن أن يتم بالطبع ؛ لأنه يعنى ببساطة قتل علماء وزعماء اليهود ، ومعهم أكثر من (60 %) من الشعب اليهودى ، لأنهم إرهابيون ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
وبعد قتل رابين حذر بعض المسئولين في إسرائيل من خطر اندلاع حرب أهلية بين اليهود ، وهذا التصريح يعكس حجم وخطورة الصراع بين اليهود .
وإذا كان ذلك كذلك ، فإن هذا يثير تساؤلا عن حقيقة هذا الصراع، وضرورة إلقاء الضوء عليه .
إن مؤسس دولة إسرائيل هو دافيد بن جوريون ، وقد كان رئيسا للحكومة منذ قيام إسرائيل عام (1948م) وقد استمر ثلاثة عشر عاماً ، وقد حاول بن جوريون أن يعزل الدين عن الدولة وأن يقيم حكومة علمانية ؛ وفى ذلك يقول : ( كنت مصمما على أن تكون إسرائيل دولة علمانية ، تحكمها حكومة علمانية ، وليست دينية ، وحاولت أن أبقى الدين بعيدا عن الحكومة والسياسة بقدر المستطاع ) .
ومنذ اللحظة الأولى لقيام إسرائيل بدأ الصراع بين الحكومة ورجال الدين . فقد صرح بن جوريون منذ البداية بقوله : على اليهودي من الأن فصاعدا ألا ينتظر التدخل الإلهي ! لتحديد مصيره ، بل عليه أن يلجأ إلى الوسائل الطبيعية العادية مثل (الفانتوم والنابالم ) وفى مناسبة أخرى قال بن جوريون : ( إن الجيش الإسرائيلي هو خير مفسر للتوراة ).
وهاجم بن جوريون الدين ونادى بعزله عن الحياة السياسية فقال : ( إن الدين هو وسيلة مواصلات فقط ، ولذلك يجب أن نبقى فيها بعض الوقت لا كل الوقت) .
كما هاجم رجال الدين اليهودى ، وشوه صورتهم فقال : ( إن حياة اليهود لو تركت لحاخامات اليهود لظلوا حتى الآن كلابا ضالة في كل مكان ، يضربهم الناس بالأقدام ، ويحتمى اليهود من أقدام الأغلبية الساحقة لهم في كل مكان بأحلام العودة إلى أرض الميعاد والأجداد ) .

ومنذ قيام إسرائيل دبَّ الصراع واستمر بين الصهيونية العلمانية ، والصهيونية الدينية ، وأخذ الصراع في داخل إسرائيل محاور مختلفة بسبب اختلاف الدين والجنسية والانتماء والفكر .
وقد حدد الدكتور حامد ربيع أستاذ السياسة المعروف -رحمه الله- محاور الصراع داخل إسرائيل كما يلى :
صراع بين العرب واليهود.
صراع اليهودى الأوربى الشرقى ضد اليهودى الأوربى الغربى.
صراع اليهودي الذي ولد بإسرائيل وعاش فيها ضد اليهودي المهاجر الجديد الذي أتى إليها في سنوات الفخر والنجاح .
واستمر هذا الصراع بين اليهود إلى أن فاز حزب الليكود الإسرائيلى اليمينى المتطرف بانتخابات الكنيست عام (1977م) ، وأصبح مناحم بيجين الإرهابى العالمى رئيسا لوزراء إسرائيل ، وحكمت إسرائل حكومة متطرفة ، وفى عهدها تم الصلح مع مصر ، وفى عهد مناحم بيجين حصلت الصهيونية الدينية على مكاسب لا حصر لها كان من أهمها : بناء المستوطنات اليهودية فى الأراضى المحتلة تحت شعار نص التوراة الذى ذكرناه فى صدر المقال ، واستعاد حزب العمل بقيادة رابين الحكومة من حزب الليكود المتطرف عن طريق الانتخابات ، واستمر الصراع بين هؤلاء وهؤلاء إلى أن وقع الحادث الأخير ، والذى يمكن تفسيره الآن بسهولة كاملة.
ويبقى أمر أخير لا يقل أهمية عما سبق من البيان : أن رابين هو الذى قتل فتحى الشقاقى أمير الجهاد الإسلامى بفلسطين ، وقتل قبله كثيرين من أبناء فلسطين المخلصين , والله عز وجل يدافع عن أوليائه ، وينتقم من أعدائه ، فهذه واحدة.
وأما الثانية ، فإن القدس الشريف هو حرم الله ، ومسرى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه المسجد الأقصى الذى تشد الرحال إليه ، وتهفو قلوب المسلمين إليه . هذا القدس قد استولى عليه اليهود منذ سنوات طوال ، وعندما أراد اليهود أن ينفذوا بقية المؤامرة بنقل السفارة الأمريكية إليه أخذ الله زعيمهم أخذ عزيز مقتدر ، لأن الله يغار على دينه ويغار على حرمه .
فإذا لم ينصر المسلمون القدس فقد نصره الله ، وهذه الثانية .
وأما الثالثة والأخيرة : فقد جعل الله مصارع الظالمين موضع العبرة والعظة ، وقد أهلك الله قوما من الظالمين ، ثم بين سبحانه أن هذا المصير ينتظر كل ظالم ، فقال {مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود : 83] .
نسأله الله العفو والعافية .
بواسطة : meabdullatif
 0  0  1.3K