• ×
meabdullatif

رواية هل اوافق عليه

كانت السنة الأولى لي في الجامعه .. كان هذا الحلم الذي يطاردني منذ أن كنت فتاة صغيرة .. كنت أحب أن ألقب بالطالبة الجامعية .. وكان حلمي هو أن أكون مدرسة .. كان .. كان .. وهاهي احلامي أغلبها قد تحققت في الجامعة تعرفت على زميلات جدد .. والكثير من الصديقات .. وكنت طالبة مؤدبة .. ومرحة .. وكنت ايضا جميله وجذابة .. وكانت أناقتي ترتيبها الأول دائما على زميلاتي وصديقاتي , ولكن ..لم يكن جمالي السبب الوحيد الذي جذب الناس لي بل .. أخلاقي تجمعت في شخصيتي .. وجعلت مني انسانة ذات جمال واخلاق . لم أكن من النوع الذي يفكر بالحب ماقبل الزواج ولايؤمن به , بل لا أفكر في الزواج لأن الشيء الوحيد الذي يهمني وأفكر به هو الدراسة وإكمال دراستي الجامعية وهذا ماتصبو له نفسي وأما الزواج فهو خارج نطاق التفكير تماما ولكن .. صدق من قال ( تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن ) ..! بعد مرور أسابيع من دخولي الجامعة _ كعادتي _ كنت واقفة أمام البوابة بإنتظار والدي ليوصلني للمنزل , لكن .. لفت انتباهي شاب يقف على بعد بضعة امتار مني , كان شابا وسيما .. جميلا .. بعد لحظات .. أدركت بأن هذا الشاب ينتمي للقسم ذاته الذي أنا به .. ولكن شهران قد مضيا ولم ألتفت له يوما فما السبب ياترى الذي يجعلني ألتفت له اليوم ..؟! بعد دقائق معدودة وصل والدي , وفي الطريق للمنزل .. كنت افكر فيه ..! أحدث نفسي عنه ..ياترى ماهي مميزاته ..؟؟ سبق وإن رأيت كيفية تصرفه وتعامله مع زملائه .. أنه شاب ذو أخلاق ..أنه .. أنه .. اشياء كثيرة دارت بعقلي ومن هنا بدأت انطلاقه قصه اعجابي بهذا الشاب , تعودت أن اراه كل يوم ، وكان موعد لقائي به عند بوابة الجامعة فقط , فرغم انتمائه لمثل قسمي إلا إني احاول أن لا أوليه اي اهتام هناك ..! أخبرت والدي أن يتأخر في المجيء للجامعة , وذلك بحجة كثرة المحاضرات وليتسنى لي الاطالة في النظر إاليه امام البوابة ..!!!! في أحد الأيام غاب عن الجامعة , شعرت حينها بالملل , لأني تعودت أن أراه في كل يوم واليوم لم أره , حتما أنه يوما مملا .. وكم تمنيت أن يمراليوم بسرعه في اليوم التالي .. كنت جالسة لوحدي في حديقة الجامعة , وقبل بدء المحاضرات أقبل علي شاب يطلب مني الجلوس ولما نظرت له علمت بأنه هو ذاك الشاب الذي معجبة به , فسمحت له بذلك .. وطلب مني بعدها أن اشرح له مافاته من محاضرات أمس .. وفعلا لبيت له ماكان يريد .. وخاصة أن المعروف عني بأني طالبه مجتهدة , وبعد أن انتهينا استئذن وانصرف .. ومن هنا كثرت جلساتنا , ولكننا لم نتحدث قط عن خارج نطاق الجامعة وكل ماكان يدور بيننا هو المحاضرات والبحوث وفيما يختص بالدراسة . وبعد مرور اسابيع .. طلب مني أن اعطيه عنوان منزلنا , فسألته عن السبب فأخبرني بأنه يود زيارتنا وكما أنه أعطاني موعد للزيارة ولابد من إعلام والدي بذلك .. في اليوم المحدد جاء لأبي وقال له مايريد , وقد أطال المكوث عندنا , وكل ماكنت اتمناه هو معرفه مايدور بينهما . بعد أن خرج زميلي .. جاء أبي وأخبرني بأن ذاك الشاب جاء لخطبتي لم أتمالك نفسي حينها لأن حلمي الثاني قد تحقق .. الانسان الذي اعجبت به وشعرت بأنه الانسان الذي بإمكانه أن يفهمني ., قد جاء لخطبتي اليوم .. بعد موافقه الاهل - من الطرفين - تحدد موعد عقد القران , وسبق هوان شرط بأن تمتد الخطوبة طيلة الفترة الدراسية بالجامعه , بحيث يكون الزواج فيما بعد , وانا وافقت على ذلك في اليوم المحدد للخطوبة .. كنت في كامل الأناقه والجمال , يوم الخطوبة يوم لن أنساه أبدا .. وسيبقى راسخا في عقلي للأبد .. عشت مع خطيبي حياة سعيدة .. فمعه تذوقت طعمت السعادة الحقيقية .. ومعه عرفت معنى الحب , وعلى يده تعلمت فنون العشق .. انتهت السنة الدراسية الاولى محملة بالتعب .. وبدأت بعدها بالتفرغ لمتطلبات خطيبي .. ففي هذه العطلة يصادف عيد ميلاده العشرين جاء يوم الحفله وجهزت متطلباتها وحينما اوشكت على الانتهاء طلبت منه احضار الكعك من المخبز .. تأخر رجوع خطيبي , بدأت اشعر بالقلق , خفت أن اصابه مكروه , بدأت بالبكاء , فدقات قلبي غير طبيعية , كانت أمي حينها تهدأني ولكني أخبرتها بأنه قد تأخر على مايقارب الساعتين واحضار الكعك من المخبز لايحتاج لذلك وماهي الا دقائق حتى يرن الهاتف .. هرولت مسرعة رفعت السماعه .. كنت أول من ....
هرولت مسرعة .. رفعت السماعة كنت أول من يتلقى الفاجعة الكبرى ويتحمل مرارتها , لقد مات خطيبي إثر حادث مروري مروع , صرخت حينها شعرت بهزة في جسمي عندها تلعثمت , ولا ادري ماذا افعل , احسست بالدوار , وسقطت مغشيا علي اسرعت أمي لتستأنف المكالمة الهاتفيه , ولتعرف ماحصل , ولتتلق هي الاخرى الفاجعة . بعد سماعي لهذا الخبر مكثت في المستشفى لمدة أسبوعين , كنت أهذي ولا أحد يفهم ماأقول , فلقد رحل خطيبي وترك لي الألم والحسرة ,رحل وقد أخذ قلبي معه , رحل ولم أودعه ذاك الوداع الذي لا لقاء بعده , فيالها من دنيا غادرة وقاسية . مررت بأزمة صعبة للغاية .. هزت كياني , وجعلت مني انسانة بلا معنى , فكانت صورة خطيبي لا تفارقني أبدا , ففي كل يوم أراه في منامي , أراه دائما معي وبجانبي فهو لايفارق خيالي أبدا فالأيام تمر , وأنا مازلت على فراشي وكانت أمي تلطم صدرها على حياة ابنتها التعيسة والتي لم تكتمل سعادتها , فقد رحل حبيبها , رحل وتركها تصارع أمواج الحياة وحدها , رحل دون أن يعلمها السباحة . كانت أمي تحاول أن تخرجني من هذه الأزمة , ولكن كانت جميع محاولاتها فاشلة , فأنا لا استطيع نسيان من وهبته قلبي .. اوشكت ان تنتهي أيام العطلة , لم تكن الجامعة بالنسبة لي كما كانت بالسابق , فلم يعد لها طعم عندي ولكن أمي كانت تصر على أن أكمل دراستي وأن لا أحاسب نفسي على شيء لم أرتكبه , ولكني كنت السبب في وفاته .. فأنا من طلبت منه إحضار الكعك من المخبز ..!!!! واصلت امي جهودها لإخراجي من هذا الحزن , وبعد تلك المحاولات , نجحت أمي وحققت ما كانت تصبو له , فأعادت إلي البسمة من جديد , وأعادت لي حياتي , وفعلا ذهبت للجامعة في اليوم الاول الدراسي , ولكني لم أكن كما كنت عليه سابقا , لم أعد تلك الانسانة الاجتماعية التي تحب مصاحبة الجميع , بل اصبحت انسانة منغلقة على نفسها لا تحادث أحدا ولا ترغب في أن يحادثها أحد , ولا تدري بماذا يدور في قاعات المحاضرات .. وذلك لأنها تفكر في الحبيب الراحل . كنت هكذا دائما , سألتني صديقاتي عن السبب , فلم أجب أحدا , وبعد التساؤلات عني علمن السبب , فجاءت كل واحدة منهن وهي حاملة في قلبها المحبة لي .. وكل واحدة تواسيني ..أو تحاول ذلك ..وقفتهن معي حقا لا تنسى . مرت سنة كاملة على وفاة خطيبي , بعدها تقدم لي شابا من الجامعة , وأنا اعرفه ..وأعرف سلوكياته واخلاقه جيدا .. ولكني لم انته من الألم بعد , وقلبي لم يزل ينبض بحزن شديد على رحيل حبيب العمر فلم تكن لي الرغبة في الارتباط بعد مرور أيام معدودة , وانا خارجه من قسم المحاضرات , تقدم نحوي ذلك الشاب _الذي تقدم لخطبتي_ وأخبرني بأنه يحبني بصدق وكان ذلك من فترة طويلة و أنه نوى من قبل في التقدم لخطبتي ولكن سبقه خطيبي المتوفاة وحصل ما حصل ..!!! وأصر على كلامه رغم كل ما قلته له من رفضي للارتباط عندما اخبرت أمي بما حصل قالت لي : يا بنتي أن الحياة لا تتوقف على حبيب قد مضى , لا وألف لا , فالحياة متجددة , فإن رحل خطيبك , فإن هناك من يتمناك ، فلا تحرمي نفسك من أن تعيشي حياة هنيئة ، فوافقي على هذا الشاب فلربما يعيد لك ذكرياتك الحلوة ، فلطالما هو يحبك فسيسعدك فأنا أمك وأعلم مصلحتك جيدا وبعد اصرار أمي وافقت على ذلك الشاب بالغرم إني لست مقتنعة به , ولكن لربما كما قالت لي والدتي يعيد لي ذكرياتي السعيدة .. بدأت الاستعدادات لمراسم الخطوبة , وفي اليوم المحدد أقام لي خطيبي حفله رائعة , وهذه الحفلة تذكرني بحفلتي مع خطيبي السابق ..!! انتهت الحفلة بسرعة ولكن الايام بعدها مضت بطيئة , وانا كنت أتجاهله .. وأتهرب منه .. فرغم حبه لي إلا إني لا أزال على ذكرى حياتي مع خطيبي السابق , ولكن .... حبه المتضاعف لي مع كل يوم يمر .. والكلام والشعر الذي يهديني إياه , ومعاملته معي . . جعلتني أبدد تلك الذكريات , واطوي صفحة الماضي .. صفحة حياتي مع خطيبي السابق , وأفتح صفحة جديدة .. صفحة حياتي مع هذا الانسان الذي أهداني قلبه . بدأت أعشق خطيبي , فمنذ أن أحببته والحب بيننا يزداد اضعاف الاضعاف , فبدأت قصه حب جديدة .. فعقلي دوما يفكر به .. وقلبي دوما ينبض بحبه .. فمنذ أن أحببته وألم الدنيا الذي بجوفي كله تلاشى .. نعم فلقد أحببته حبا لا يوصف .. أهديته حبي .. عقلي .. قلبي .. وكل تفكيري .. ولكن الدنيا اشتاقت للغدر ..! كان خطيبي يعاني من ألم بسيط برأسه , وكلما دعوته لزيارة الطبيب يرفض , وذلك لانه سبق وإن زار الطبيب مسبقا , وأخبره بأن الحاله طبيعية وليس هناك من مشكلة . ومع تزايد الألم أتخذ خطيبي بمعاودة الطبيب .. ورحلت معه ولكن ..ليتني لم أرحل فلقد تلقيت الفاجعه هناك حيث خطيبي يعاني من المرض الخبيث .. لم أع ولا أدري ما الذي يجري من حولي , وكنت أخاطب نفسي .. ألهذا الحد الدنيا غادرة ..؟؟ .. أستأخذ مني حبيب قلبي ..؟؟ .. أستأخذ مني ذلك الانسان الذي أعاد لي طعم الحياة بعد أن فقدته ؟؟؟ كنت أعيش مع خطيبي آخر أيام حياته , وكان يقول لي : إذا مت فكوني لغيري ..!!!!! ولكني أمقت سماع هذا الكلام ولأني لا أريد ان أكون لإنسان ثالث ..! تمكن المرض منه , وخطف الموت حبيب الفؤاد , لقد رحل ذلك الانسان الذي ولدت في اليوم الذي أحببته فيه ... تجمد جسدي ولم أقوى على الحراك .. وأدركت بأن للحياة طعم مر كالعلقم .. فكيف سأواجه هذه الحياة وقد رحل حبيبي وأخذ روحي معه ؟؟؟؟؟؟ ازدادت حالتي النفسية سوءا , فكرهت الجامعة .. وقررت الانسحاب , فأنا لم أعد قادرة على استئناف الدراسة , ولكن والدتي تدخلت في الموضوع وقالت لي : بنيتي .. لا تضيعي الحلم الذي سهرت الليالي من أجل أن تبنيه , وبعد أن أوشك على الانتهاء تهدمينه بيدك ..!! تراجعي عن هذا القرار وأبعديه عن عقلك , عودي للجامعة وكوني تلك الطالبة المجدة والمتميزة نفذت ما أمرتني به والدتي , وعدت للجامعة .. كانت السنة ماقبل الاخيرة لي هنا , خمس سنوات مرت ..خمس سنوات كانت كفيلة أن تعلمني الحياة جيدا .. خمس سنوات ستخلد في ذهني ولن أنساها ما حييت في أحد الأيام وبينما كنت جالسة في حديقة الجامعة , اقلب أوراقي وإذا بشاب قد أقبل علي وطلب مني الاصغاء لموضوع مهم هو يود التحدث به معي ..فسمحت له بقول ما لديه وبعد مقدمة طويلة علمت بأن الشاب هذا يود الإرتباط بي....!! حينها لم أكن أدري ماذا أفعل سوى إني خاطبته بهمجية ونهرته , وأخبرته إن أراد ان يحفظ كرامته ألا يفكر في مثل هذا الكلام نهائيا حينما عدت للمنزل فكرت في أمره , كان بإمكاني أن أحادثه بلهجة مختلفة وبطريقة أخرى ولكن لم يكن بيدي شيء سوى فعل ذلك .. فالأيام الماضية غيرت مني الكثير في اليوم التالي رأيته , والابتسامة على وجهه ونظراته مرسلة لي وكأنما لم يحدث أي شيء بالأمس , استغربت من تصرفاته ومع هذا إلا إني لم أكترث له ومضيت ولكن .. اكتشفت بأنه يراقبني ويلاحقني فأينما أمضي أراه معي ..أينما توجهت أجده واقفا أمامي حتى وصل الأمر للمنزل فمتى ما فتحت نافذة غرفتي أجده واقفا يراقبني ..!! سبق لي وإن نهرته ورفضته لأني لا اريد أن أتعذب للمرة الثالثة فليكفي علي ما مضى , ولكني حينما أراه وألمح في عينه الحب الصادق أفكر في إعادة النظر في مسألة الزواج أنا حقا حائرة ولا أعلم ماذا أفعل أخشى أن اعيد التجربة للمرة الثالثة وأتعذب .. واخشى أن اخسر انسان يحاول بشتى الطرق أن يثبت لي حبه لا أدري ماذا أقول ولا أدري هل أوافق عليه ؟؟!
بواسطة : meabdullatif
 0  0  1.2K